ليتنى كنت تمثالا

فعلا ان اكون تمثالا واحظى بنفس ماحظى به صاحب هذا التمثال ربما يكون اقصى مايحلم به اى مصر فى هذا العهد السعيد....كانت عملية النقل احتفالا على اعلى المستويات رغم انه تمثال من حجر لا ينطق ولا يقول شيئا...ان الحجر الآن فى مصر هو اكثر قيمة من انسان من شحم ولحم وعظام وحياة وروح...ان تمثالا بهذا القدر لا يساوى فى نظرنا نحن المصريين ثمن ستون شخصا ماتوا فى حادث القطار الاخير وقبلهم الف لم يخرج معظمهم من قاع البحر وقبلهم وقبلهم وقبلهم وقبلهم...
كان احتفالا مهيبا تناقلته الفضائية المصرية على الهواء مباشرة لعملية نقل التمثال من مكانه القابع فيه منذ مايقارب النصف قرن من الزمان الى مكانه الجديد...خرج شعبنا والذى لا يخرج الا فى المناسبات ذات الطبيعة العظمى مثل عملية نقل التمثال..كان التمثال عندما يمر من اى شارع كانت النسوة تزغرد وتهتف بحياة صاحب التمثال...كان فرح بمعنى الكلمة فالذى يمر عليهم هو فرعون مصر وماادراك مافرعون مصر...ذلك الفرعون لا طيب الله ثراه فهو كأى فرعون والذى ابتلى بهم الله شعب مصر منذ قديم الزمان اذاقوا الشعب المصرى المر والمرار ولا زال آخر فراعنة مصر يذيقهم مالم يذقهم هذا الفرعون ..غلبان شعب مصر شعب ينسى بسرعة القسية او القسوة...ربما بعد ثلاث او اربع آلاف من السنين اذا مر تمثال فرعون مصر الحديثة اقصد به مبارك لخرجت النسوة بنفس الكيفية التى خرجت به نسوة اليوم لاستقبال فرعون مصر الحديثة بالطبل والزمر والزغاريد ولله فى ذلك حكم ربما نكون كالمثل الذى يقول القط يموت فى خناقه وبالطبع كلما خنقنا هذا الفرعون كلما ازداد حبنا له ...
نرجع مرة تانية للتمثال هل اقامة هذا الاحتفال هو عملية تمويه لما يحدث لشعبنا من مآسى يندى لها الجبين...اذن على الدولة ان تقيم كل يوم احتفال من هذا القبيل حتى ينسى الشعب مصائبه ومآسيه والتى زادت عن الحد فى ظل نظام فاقد الشرعية بكل المقاييس والحسابات...ربما نقوم باحتفالية جديدة ننقل فيها الملك توت وبعده حتشبثوت وبعدها الملك نارمر مينا موحد القطرين وبعدها ننقل الهرم الاكبر من مكانه الى مكان آخر حتى نسلى شعبنا الغلبان ولتخرج النسوة وليخرج الرجال فى احتفالات جديدة تقيمها الحكومة لهذا الشعب البائس وهو اقل عمل يستطيع النظام فعله لهذا الشعب...